انتشرت قوات الجيش النيبالي في شوارع كاتماندو يوم الأربعاء بعد موجة احتجاجات عنيفة تواصلت لأيام. أمرت القوات السكان بالبقاء في منازلهم وأعلنت حظر تجوال مشددًا للسيطرة على الفوضى التي أدت إلى اقتحام وحرق مبانٍ حكومية ومهاجمة شخصيات سياسية بارزة.
تصاعد العنف والاشتباكات
شهدت المدينة خلال الأيام الماضية أعمال شغب واسعة، حيث أضرم المتظاهرون النار في البرلمان، القصر الرئاسي، ومقر رئاسة الوزراء. كما تعرض قادة سياسيون لهجمات مباشرة، بينهم زعيم حزب المؤتمر النيبالي شير بهادور ديوبا وزوجته وزيرة الخارجية، وأظهرت مقاطع فيديو إصابتهما بجروح.
ارتفاع حصيلة الضحايا
أكدت تقارير محلية ودولية أن حصيلة الضحايا ارتفعت إلى أكثر من 23 قتيلًا وحوالي 200 مصاب، بينهم حالات حرجة، نتيجة المواجهات الدامية في العاصمة ومدن أخرى مثل بيراتناغار وبوخارا. وشملت الحوادث مقتل فتاة داخل صالون سيارات احترق أثناء أعمال العنف، في مؤشر على تصاعد خطورة الوضع الإنساني.
هروب سجناء ومحاولات انفلات أمني
شهدت كاتماندو أيضًا محاولة هروب جماعي من السجون بعد انسحاب الشرطة من مواقعها. وأطلق الجيش النار في الهواء لمنع فرار السجناء، قبل أن ينقل بعضهم إلى سجون أخرى أكثر أمانًا.
اعتقالات واسعة ومصادرة أسلحة
أعلن الجيش اعتقال ما لا يقل عن 27 شخصًا يشتبه في تورطهم بأعمال نهب وتخريب، إضافة إلى مصادرة مبالغ مالية كبيرة وأسلحة متعددة. وأكد الجيش أن “أعمال العنف والنهب والحرق باسم الاحتجاج ستُعامل كجرائم يعاقب عليها القانون”.
خلفية الأزمة: حظر وسائل التواصل الاجتماعي
بدأت المظاهرات يوم الاثنين عقب قرار الحكومة بحجب مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إكس ويوتيوب، بحجة عدم امتثالها للقوانين المحلية. غير أن الاحتجاجات تصاعدت بعد سقوط 19 قتيلاً برصاص الشرطة، ما أجج غضب الشباب ضد الفساد والامتيازات التي يحصل عليها أبناء السياسيين.
استقالة رئيس الوزراء دون تهدئة الشارع
قدم رئيس الوزراء خادجا براساد أولي استقالته، لكن الخطوة لم تخفف من حدة الغضب. وواصل عشرات الآلاف التظاهر في شوارع العاصمة، في ظل بطالة مرتفعة بين الشباب تجاوزت 20%، ومعاناة آلاف النيباليين الذين يغادرون يوميًا للبحث عن فرص عمل في الخارج.
استهداف شخصيات ومؤسسات
أظهرت مقاطع فيديو تعرض زعيم حزب المؤتمر النيبالي شير بهادور ديوبا وزوجته وزيرة الخارجية لهجوم مباشر، حيث ظهرا مصابين بجروح. كما استُهدفت مبانٍ حكومية بارزة بينها البرلمان والقصر الرئاسي ومقر رئاسة الوزراء، إضافة إلى إضرام النار في مقر مؤسسة كانتيبور الإعلامية، ومعارض سيارات وفنادق.
تأثيرات اقتصادية وسياحية
امتدت تداعيات الاحتجاجات إلى قطاع السياحة الحيوي. فقد أُغلق مطار ثريبهوفن الدولي لفترات متقطعة، ما أدى إلى تعليق الرحلات الجوية، في وقت علق فيه مئات السياح الأجانب داخل نيبال. كما أصدرت الهند تحذيرات لمواطنيها بتجنب السفر إلى كاتماندو حتى استقرار الأوضاع.
مبادرات سلمية ودعوات للحوار
في خطوة رمزية، خرجت مجموعات من شباب جيل Z لتنظيف الشوارع بعد الفوضى، مؤكدين رفضهم لأعمال العنف. في المقابل، دعا الرئيس رام چندرا بـوودل المتظاهرين إلى التهدئة وحل الخلافات عبر الحوار، فيما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من تصاعد العنف وطالبت بضبط النفس.
مشروع قانون مثير للجدل لتنظيم الإنترنت
تزامنت هذه التطورات مع طرح الحكومة مشروع قانون جديد يلزم شركات التواصل الاجتماعي بفتح مكاتب محلية وتعيين ممثلين رسميين. أثارت الخطوة جدلاً واسعًا، حيث اعتبرتها منظمات حقوقية محاولة للحد من حرية التعبير وتضييقًا على المعارضة.
تكشف أحداث نيبال عن أزمة سياسية واجتماعية متشابكة، حيث تداخل الغضب الشعبي من الفساد والبطالة مع محاولات الحكومة للسيطرة على فضاء الإنترنت. ومع تدخل الجيش وتصاعد الخسائر البشرية، تظل البلاد أمام مفترق طرق بين مواجهة مفتوحة أو تسوية سياسية قائمة على الحوار.