يشهد سوق السيارات الكهربائية المستعملة في الولايات المتحدة ارتفاعا غير مسبوق في الطلب، حيث لم يعد امتلاك هذه المركبات حكرا على الأثرياء. ومع تراجع الأسعار إلى مستويات أقل من نظيراتها العاملة بالوقود، باتت شريحة واسعة من المستهلكين قادرة على اقتناء سيارة كهربائية.
من أسعار مرتفعة إلى صفقات مغرية
في السابق، كانت السيارات الكهربائية الجديدة تباع بأسعار تفوق سيارات البنزين بعدة آلاف من الدولارات. لكن الوضع مختلف في السوق المستعملة، إذ تشير بيانات نيويورك تايمز إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة ارتفعت بنسبة 40% في يوليو/تموز الماضي مقارنة بالعام السابق، ما يعكس تغيرا جوهريا في توجهات السوق.
وبحسب بيانات حديثة، سجلت مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة في مايو 2025 نحو 36,609 وحدة بزيادة بلغت 32.1% على أساس سنوي، بينما وصل حجم مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة إلى أكثر من 103 ألف وحدة خلال الشهر نفسه.
عوامل وراء التوسع
عدة عوامل أساسية دفعت هذا التحول في سوق السيارات الكهربائية المستعملة. أولا، أدى تطور تكنولوجيا البطاريات إلى زيادة مدى السير بشكل واضح، مما جعل الطرز الحديثة أكثر جاذبية للمستهلكين. ثانيا، تراجعت أسعار السيارات الجديدة تدريجيا مع مرور الوقت، وهو ما انعكس مباشرة على السوق المستعملة.
إضافة إلى ذلك، ساهمت الحوافز الضريبية الفدرالية التي تصل إلى 4 آلاف دولار للسيارات التي يقل سعرها عن 25 ألف دولار في تشجيع المزيد من المشترين. وفي الوقت نفسه، شهد المعروض من السيارات الكهربائية المستعملة قفزة بنحو 50% في الربع الأول من عام 2025، مع توقع دخول نحو مليون سيارة كهربائية منتهية عقود الإيجار إلى السوق خلال العامين المقبلين، الأمر الذي سيزيد المنافسة ويجعل الأسعار أكثر جاذبية.
تجارب المستهلكين
شهدت تجارب المستهلكين في السوق المستعملة تنوعا لافتا، حيث اشترت معلمة متقاعدة في أوهايو سيارة نيسان ليف مستعملة مقابل ألف دولار فقط بعد الخصومات، مؤكدة أنها لم تتوقع هذه الصفقة المغرية. في المقابل، أقدم مستشار أعمال من أتلانتا على شراء تسلا موديل 3 إنتاج 2019 بسعر 14 ألف دولار بعد الحافز الضريبي، واعتبرها فرصة لا تفوت.
ومن جانب آخر، فضلت ناشطة بيئية من كليفلاند اقتناء كيا إي في 6 مستعملة بدافع الالتزام بمواجهة التغير المناخي. أما في مينيسوتا، فقد اختارت بعض العائلات استبدال سيارات البنزين بمركبات كهربائية، وهو ما ساعدها على توفير مبالغ كبيرة من تكاليف الوقود الشهرية، مما يعكس تعدد دوافع المشترين بين التوفير المالي والقناعة البيئية.
سوق يتغير بسرعة
التطور المستمر في تقنيات البطاريات جعل السيارات الحديثة أكثر جاذبية، حيث أصبح بإمكانها قطع نحو 482 كيلومترا بالشحنة الواحدة مقارنة بـ321 كيلومترا فقط قبل أعوام قليلة. هذا التقدم أدى إلى تراجع قيمة السيارات الأقدم في السوق المستعملة. كما أظهرت تقارير أن تكاليف البطاريات انخفضت بنسبة تقارب 20%، ويتوقع أن تصبح تكلفة استبدالها أقل من بعض أعمال صيانة محركات البنزين بحلول 2030.
مستقبل السوق
يرى خبراء أن السيارات الكهربائية المستعملة باتت تمثل مرحلة انتقالية مهمة. فهي لا تجذب فقط الرواد البيئيين بل أيضا المستهلكين الباحثين عن حلول اقتصادية. ومع توقع وصول التكافؤ السعري بين السيارات الكهربائية وسيارات البنزين بنهاية هذا العقد، يرجح أن تصبح قرارات الشراء مبنية على الجودة والملاءمة أكثر من السعر فقط.
في النهاية، يشير تنامي الطلب على السيارات الكهربائية المستعملة إلى تحول عميق في السوق الأميركية، حيث باتت هذه السيارات خيارا واقعيا وعمليا لملايين المستهلكين. وبينما قد يضغط هذا التوجه على مبيعات الطرز الجديدة، فإنه يرسخ تحولا طويل الأمد نحو مستقبل أقل اعتمادا على الوقود الأحفوري.