في خطوة غير مسبوقة داخل إسرائيل، وقع أكثر من 7500 إسرائيلي على عريضة تدعو المجتمع الدولي إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وتطالب بوقف الحرب الدائرة على قطاع غزة منذ نحو عامين. تقف خلف هذه المبادرة حركة ززيم، وهي منظمة مدنية تجمع ناشطين يهوداً وعرباً، وتسعى إلى إيصال صوت معارض للسياسات الحكومية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر.
تحرك قبيل اجتماع الأمم المتحدة
أكدت الحركة أن الهدف من العريضة هو إيصال “صوت إسرائيلي مشترك” إلى المجتمع الدولي قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم 22 سبتمبر. كما توقعت أن يتجاوز عدد الموقعين 10 آلاف شخص قبل موعد الجلسة.
مضمون العريضة ورسالتها
أوضحت العريضة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يمثل عقاباً لإسرائيل، بل يشكل خطوة نحو مستقبل أفضل يقوم على الاعتراف المتبادل والأمن للشعبين. ومن ناحية أخرى، حذرت من أن خطط الضم التي يروج لها وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش تعدّ عملاً عنصرياً واستمراراً لحرب إبادة محتملة ضد الفلسطينيين. وبالتالي، عرضت خيارين واضحين: إما الاعتراف بدولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، أو الانزلاق نحو مشروع متطرف يقوض الحقوق الفلسطينية ويغلق باب الحلول السلمية.
الجدل والردود الرسمية داخل إسرائيل
يدعو بتسلئيل سموتريتش ووزراء آخرون في حكومة نتنياهو إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يعني فعلياً إنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية وفق التعريف المقبول دولياً. وفي الوقت نفسه، ترفض الحكومة الإسرائيلية عادةً أي اعتراف أحادي بدولة فلسطين، مؤكدة أن الحل يجب أن يأتي عبر مفاوضات مباشرة لا عبر ضغوط خارجية أو قرارات منفردة. إضافة إلى ذلك، صدرت تحذيرات إسرائيلية بأن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية قد يقود إلى إجراءات أحادية مضادة، أو يعتبر تصعيداً سياسياً جديداً ضد تل أبيب.
سياق دولي وإحصائيات داعمة
أشار تقرير إعلامي أن عدد الإسرائيليين الذين وقعوا عرائض مشابهة يقترب من 6000 توقيع، ومعظمهم من اليهود، حيث طالبوا بإنهاء الحرب في غزة والاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة. وفي السياق ذاته، أصدرت منظمات ثقافية وفنية إسرائيلية بيانات احتجاج ودعوات لوقف الحرب، مع التأكيد على خطورة الانتهاكات الإنسانية والتهديدات بحقوق المدنيين. ومن جهة أخرى، أظهر تصويت برلماني وتشريعات إسرائيلية دعماً لموقف الحكومة الرافض لأي اعتراف أحادي بدولة فلسطينية، مشددين على أن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تتم حصراً في إطار تفاوضي متفق عليه.
الآثار المحتملة للعريضة
العريضة قد تعزز الصدى الدولي للقضية الفلسطينية وتزيد الضغط السياسي على الدول والحكومات التي لم تحدد موقفها بعد. وفي الداخل الإسرائيلي، تشكل مؤشراً واضحاً على وجود تيار جماهيري يعارض سياسات الحكومة المتعلقة بالضم والتوسع، ويدفع نحو خطوات عملية لتحقيق حل الدولتين والتعايش.
في النهاية، تعكس العريضة التي وقعها آلاف الإسرائيليين تحوّلاً لافتاً في النقاش الداخلي حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فهي تعبّر عن رغبة متزايدة في كسر دائرة الحرب المستمرة والبحث عن حلول قائمة على الاعتراف المتبادل والعدالة. وبينما تصر الحكومة الإسرائيلية على رفض الاعتراف الأحادي بدولة فلسطين، يبرز صوت آخر من الداخل يطالب بخيار مختلف يقوم على التعايش وحل الدولتين.
ومع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، تبدو هذه المبادرة رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن هناك أصواتاً إسرائيلية تسعى لسلام عادل يضع حداً لمعاناة الفلسطينيين ويضمن مستقبلاً أكثر أمناً للشعبين.