وقعت السعودية وباكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة المسلحة نووياً، اتفاق دفاع استراتيجي متبادل مساء الأربعاء، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف. ويأتي هذا الاتفاق في وقت حساس تشهد فيه المنطقة توتراً متزايداً بعد الضربات الإسرائيلية على الدوحة في 9 سبتمبر، التي استهدفت قادة حماس أثناء محادثات حول وقف إطلاق النار.
تعزيز التعاون العسكري
أكد مسؤول سعودي رفيع أن الاتفاق يشمل جميع الوسائل العسكرية، مشيراً إلى أنه اتفاق دفاعي شامل يرسخ التعاون العميق بين البلدين. وأضاف أن الاتفاق ليس استجابة لأحداث محددة، بل تتويج لسنوات من المناقشات بين الرياض وإسلام آباد. كما ينص الاتفاق على أن أي عدوان ضد أي من البلدين سيُعتبر عدواناً على الآخر، مما يعزز مبدأ الردع المشترك.
خلفية التحالف السعودي الباكستاني
ترتكز العلاقات بين السعودية وباكستان على أسس دينية واستراتيجية واقتصادية، حيث ينتشر نحو 2000 جندي باكستاني في السعودية لتقديم الدعم الفني والتدريب للقوات المسلحة السعودية. إلى جانب ذلك، قدمت السعودية قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الاقتصاد الباكستاني وتعزيز احتياطي العملات الأجنبية.
الموقف من الهند
أعربت وزارة الخارجية الهندية عن متابعتها للتطور الجديد، مؤكدة أنها ستدرس تداعياته على أمن نيودلهي واستقرار المنطقة. في المقابل، أكد مسؤول سعودي أن العلاقات مع الهند، القوة النووية الأخرى في جنوب آسيا، أقوى من أي وقت مضى، وأن الرياض تسعى للموازنة بين شراكتها مع الطرفين.
تداعيات إقليمية
تزامن الاتفاق مع تصاعد التوتر في المنطقة بعد محاولة إسرائيل اغتيال قادة حماس في الدوحة يوم 9 سبتمبر خلال محادثات حول وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما سبب غضباً عربياً واسعاً. ويرى محللون أن الاتفاق يعكس تراجع الثقة الخليجية في الضمانات الأمنية الأميركية، ما دفع السعودية لتعزيز تحالفاتها الإقليمية. كما يهدف الاتفاق إلى “مأسسة التعاون الدفاعي” بين البلدين بدلاً من الاقتصار على اتفاقات آنية مرتبطة بظروف محددة
أهمية الاتفاق
يُنظر إلى الاتفاق الدفاعي الجديد باعتباره خطوة استراتيجية لترسيخ الأمن المشترك بين السعودية وباكستان، في وقت يشهد فيه الإقليم تحديات متصاعدة وتراجع الثقة في الضمانات الأمنية الأميركية.
في النهاية، يعكس توقيع اتفاق الدفاع الاستراتيجي بين السعودية وباكستان مرحلة جديدة من التعاون العسكري في المنطقة، إذ يضيف بعداً أمنياً مشتركاً يعزز الردع ويبعث برسالة واضحة إلى الخصوم الإقليميين. وفي وقت يشهد فيه الشرق الأوسط وجنوب آسيا تصاعداً في التوترات، يبرز هذا الاتفاق كخطوة مفصلية نحو إعادة صياغة التوازنات الإقليمية، معزِّزاً مكانة الرياض وإسلام آباد كحليفين استراتيجيين قادرين على مواجهة التحديات الأمنية والتطورات الجيوسياسية المتسارعة.