أثار إعلان وزير الدفاع الأمريكي، بيتر هيغسث، صباح يوم الجمعة الماضي عن توصل الحكومة الفيدرالية الأمريكية إلى اتفاق مع قطر لبناء منشأة في قاعدة سلاح الجو في آيداهو، ردود فعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي. عبرت مجموعة من الأشخاص من مختلف الأطياف السياسية عن رفضهم لفكرة وجود قاعدة عسكرية أجنبية على الأراضي الأمريكية.
لكن المنشأة التي سيتم بناؤها في قاعدة “ماونتن هوم” الجوية في آيداهو ليست قاعدة مستقلة، بل مجموعة من المباني التي ستخصص للتدريب والصيانة للجنود القطريين. وكان الاتفاق مع قطر في هذا السياق قد تم التحضير له على مدار سنوات.
ماذا ستتضمن المنشأة التدريبية؟
وفقًا لما ذكرته المتحدثة باسم سلاح الجو، آن ستيفانيك، فإن المنشأة الجديدة ستكون مخصصة لإجراء تدريبات وصيانة لطائرات “F-15QA”، وهي النسخة القطرية من الطائرة المقاتلة التي اشترتها قطر من خلال برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية.
وأكدت ستيفانيك أن القاعدة هي قاعدة سلاح جو أمريكية ولن يتم تغيير صفتها الأساسية، وأضافت أن هذه النوعية من اتفاقات التدريب مع الحلفاء أمر شائع في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، تستضيف قاعدة “ماونتن هوم” منذ عام 2008 جناح الطائرات المقاتلة “فريق الطائرات المقاتلة 428” من سنغافورة.
أين تقع قاعدة “ماونتن هوم”؟
تقع قاعدة “ماونتن هوم” على بعد حوالي 80 كيلومترًا جنوب شرق مدينة بويزي، عاصمة ولاية آيداهو. تتواجد القاعدة في منطقة صحراوية عالية بين سلسلتين جبليتين، مما يجعلها موقعًا مثاليًا لتدريب الطيارين على المناورات الجوية، وذلك نظرًا للفضاء الواسع المتاح حول القاعدة.
القاعدة تقع أيضًا بالقرب من مدينة “ماونتن هوم”، التي يقدر عدد سكانها بحوالي 17,000 نسمة. ستتم أعمال البناء في المنشأة الجديدة بواسطة فرق بناء محلية، ومن المتوقع أن يتم توظيف العديد من العمال المحليين في دعم العمليات التدريبية.
أهداف القاعدة ومهامها
تعرف قاعدة “ماونتن هوم” بقاعدة “المقاتلين” وتضم الجناح المقاتل 366، الذي يضم أكثر من 50 طائرة “F-15E”، كما تهدف القاعدة إلى تزويد القوات الجوية الأمريكية بالمقاتلين الجاهزين للقيام بالعمليات العسكرية في أي وقت وأي مكان.
القاعدة تستضيف أيضًا ثلاث أسراب مقاتلة: سرب “ثاندر بولت” 389، وسرب “النمور” 391، بالإضافة إلى سرب “البوكانير” 428 السنغافوري. كما تضم القاعدة وحدة للتحكم الجوي ووحدات من الحرس الوطني الأمريكي.
متى تم الاتفاق مع قطر؟
بدأت قطر في عام 2017 شراء طائرات “F-15QA” من خلال برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية التابع للحكومة الأمريكية، ومن ثم بدأت المناقشات حول تدريب القوات القطرية على استخدام الطائرات. وبدأت أعمال التقييم البيئي لتحديد التأثير المحتمل على المنطقة المحيطة بقاعدة “ماونتن هوم” في عام 2020، وتم الانتهاء منها في عام 2022.
لماذا يثير بعض الأشخاص القلق؟
اعترضت بعض الشخصيات السياسية على الإعلان، مثل الناشطة اليمينية لورا لوومر، التي اعتبرت الخطط “فضيحة”، وأكدت أنه لا ينبغي لأي دولة أجنبية أن تكون لها قاعدة عسكرية على الأراضي الأمريكية. وقد تعرضت بعض الاتفاقات السابقة للتدريب في الولايات المتحدة لانتقادات مماثلة، مثل حادثة هجوم ضابط سعودي في قاعدة “بينساكولا” البحرية في فلوريدا عام 2019.
ما الذي تستفيد منه الولايات المتحدة من استضافة الجنود الأجانب؟
تعتبر مبيعات الدفاع أداة هامة في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تساهم في تعزيز الأمن الأمريكي وتحقيق الاستقرار الدولي. وعادةً ما تكون هذه المبيعات جزءًا من استراتيجية للتعاون العسكري مع الدول الحليفة لضمان سلامة القوات الأمريكية. كما أوضحت ستيفانيك أن هذا التعاون سيوفر فرص تدريب متقدمة، ويعزز الجاهزية العملياتية المشتركة بين الولايات المتحدة وقطر.
إن اتفاق الولايات المتحدة مع قطر لبناء منشأة تدريبية في قاعدة “ماونتن هوم” يعد خطوة هامة في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. رغم الجدل الذي أثارته بعض الأطراف حول وجود قاعدة عسكرية أجنبية على الأراضي الأمريكية، إلا أن هذه المنشأة ستكون جزءًا من جهود تعزيز العلاقات العسكرية والتدريبية مع الحلفاء. مع استمرار استخدام هذه القاعدة كقاعدة سلاح جو أمريكية، فإنها ستظل محورية في تدريب الطيارين والجنود على أحدث الطائرات والمعدات العسكرية، مما يساهم في تعزيز الأمن الدولي واستعداد القوات الجوية الأمريكية والشركاء لها في مواجهة التحديات المستقبلية.




