شهدت عدة مناطق في لبنان، اليوم الأربعاء، سلسلة انفجارات مروعة خلفت العشرات من الشهداء والجرحى، وسط صدمة وذهول السكان. هذه الانفجارات جاءت بعد تفجيرات مماثلة استهدفت أجهزة اتصال لاسلكية من نوع “بيجر”، كانت مُستخدمة من قبل الآلاف من عناصر حزب الله، مما أسفر عن استشهاد 12 شخصًا في تلك الحوادث.
وفي آخر التطورات، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن ارتقاء 9 شهداء وإصابة أكثر من 300 آخرين جراء الانفجارات الجديدة. ووفقًا لمصادر أمنية، فإن الكثير من المصابين تعرضوا لإصابات خطيرة، خاصة في البطن واليدين.
ورغم الشائعات الأولية التي رجحت استخدام أجهزة “بيجر“، أكدت المصادر المحلية والصحفية أن الأجهزة التي انفجرت اليوم هي من نوع “ووكي توكي أيكوم”، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا الجهاز ودوره في تلك الأحداث المأساوية.

ما هو جهاز “ووكي توكي”؟
الـ “ووكي توكي” هو جهاز اتصال لاسلكي يدوي محمول يعمل عن طريق إرسال واستقبال موجات الراديو التي تُترجم إلى رسائل صوتية. يعتمد هذا الجهاز على أبراج خاصة للإرسال والاستقبال لضمان تغطية الإشارة. اسمه مشتق من كلمتين إنجليزيتين: ” walk” (مشى) و” talk” (تحدث)، مما يعكس فكرة أنه جهاز يسمح بالتنقل والتواصل في الوقت نفسه.
بدأت قصة هذا الجهاز الثوري قبل الحرب العالمية الثانية، عندما طورت شركة “موتورولا” جهازًا يمكن للجنود حمله بسهولة للتواصل أثناء التحرك. في السابق، كانت أجهزة الاتصال كبيرة الحجم وتحتاج إلى عربات خاصة، كما أنها كانت تعتمد على نظام شيفرة “موريس” المعقد للتواصل.
لكن مع ظهور الووكي توكي المحمول، تغيرت معادلة الاتصال في ساحات الحرب، حيث أصبح الجنود قادرين على التواصل بسرعة وفعالية في مختلف الظروف، ما جعله أداة لا غنى عنها في الحرب العالمية الثانية والصراعات اللاحقة.
تطور الووكي توكي ودوره في العصر الحديث
تعود بداية اختراع “ووكي توكي” إلى عام 1937، على يد عالم الفيزياء الكندي دونالد هينغس الذي طور أول نظام راديو مزدوج، ما مهد الطريق لظهور الأجهزة الحديثة.
اليوم، تعمل أجهزة الووكي توكي على ترددات راديوية مستقلة عن الإنترنت، وهي مفضلة في العديد من المجالات بفضل سهولة استخدامها وحجمها الصغير. فبعضها أصبح أصغر من الهواتف المحمولة، ورغم ذلك يمكنها أن تغطي مسافات تصل إلى ما بين 30 و45 كيلومترًا، وتعمل ببطاريات تدوم لعدة شهور دون الحاجة لإعادة الشحن.
ورغم أن تعقب أجهزة الووكي توكي أمر معقد، إلا أنه ممكن باستخدام تقنيات متقدمة قادرة على اعتراض موجات الراديو وتحليلها. إلى جانب الاستخدام العسكري، تلعب هذه الأجهزة دورًا هامًا في مجالات الأمن، فرق الإسعاف، الطوارئ الطبية، وحتى في المشاريع الإنشائية الكبيرة.
في ظل الظروف المأساوية التي شهدتها لبنان، يبقى التساؤل حول كيف تم استغلال هذه التقنية العريقة لإحداث هذا الدمار، وكيف يمكن لتكنولوجيا بسيطة أن تتحول إلى أداة في الحروب المعاصرة.
المصدر: وصل بوست