- وصل بوست – محمد فوزي
في تقرير حديث لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، يتكشف أن الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر جسيمة جراء الحرب المتواصلة على غزة، والتي تُلقي بظلالها على كافة القطاعات الاقتصادية. ورغم تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتكررة بتحقيق “نصر كامل”، فإن الحقائق الاقتصادية تشير إلى عكس ذلك. منذ اندلاع الحرب، شهد الاقتصاد الإسرائيلي انكماشاً بنسبة 1.5%، وهو مؤشر على عدم قدرة الاقتصاد على التعافي بسرعة من تداعيات الصراع. وتؤكد الصحيفة أن الحرب أدت إلى تراجع في الصادرات والاستثمارات، مما أثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي.
التحديات الاقتصادية التي تواجه إسرائيل لم تتوقف عند حدود التراجع الاقتصادي، إذ قامت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى، مثل موديز وستاندرد آند بورز وفيتش، بخفض تصنيف إسرائيل الائتماني. جاء هذا التخفيض نتيجة ارتفاع العجز في الميزانية والإنفاق الكبير على العمليات العسكرية. وحذرت ستاندرد آند بورز من أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يسجل نمواً ضعيفاً لا يتجاوز 2.2% في عام 2025، ما يعكس التباطؤ الواضح في الأداء الاقتصادي.
فاتورة الحرب تتجاوز المليارات
تكاليف الحرب تضغط بشكل كبير على الموازنة الإسرائيلية، حيث تشير التقديرات إلى أن فاتورة الحرب تجاوزت المليارا
ت. وبرزت شركة الكهرباء الإسرائيلية كمثال على التأثيرات المباشرة، بعد أن أنفقت مئات الملايين من الشواكل لتأمين الوقود في حالات الطوارئ، ما أثر على نتائجها المالية. إلى جانب ذلك، تُضاف تكاليف إعادة بناء المناطق المتضررة في غلاف غزة وتوفير الأمن، ما يزيد من العبء المالي على الحكومة، التي تواجه صعوبة في الاقتراض بأسعار فائدة مناسبة بسبب خفض التصنيف الائتماني.
إلى جانب التحديات المالية الكبيرة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، تتزايد الضغوط الداخلية بسبب التضخم المتصاعد، مما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر الإسرائيلية. ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة للطاقة، يضعف الاقتصاد المنزلي ويزيد من استياء المواطنين، خاصة في ظل استمرار الحرب لفترة أطول من المتوقع. ومع ذلك، تظل الحكومة عاجزة عن تقديم حلول عملية لمواجهة هذه الأزمات المتفاقمة، بسبب انشغالها بالإنفاق العسكري الكبير.
من جانب آخر، يشير تقرير “هآرتس” إلى أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الاقتصادية الخارجية لإسرائيل. فخفض التصنيف الائتماني جعل من الصعب جذب استثمارات أجنبية جديدة، كما أدى إلى تراجع الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي لدى المستثمرين الدوليين. ومع تصاعد التوترات مع إيران والاحتمال الكبير لتوسع الصراع الإقليمي، قد تتفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل حاد، مما يضع إسرائيل في موقف أصعب على المدى الطويل، حيث قد تواجه عقوبات اقتصادية أو قيوداً على تعاملاتها الدولية.
وبالرغم من كل هذه التحديات، تحاول الحكومة الإسرائيلية إظهار “النصر العسكري” كإنجاز استراتيجي، إلا أن الواقع الاقتصادي المتدهور يشير إلى أن هذا “النصر” مكلف للغاية. فالتكاليف الباهظة للحرب، سواء على الصعيد العسكري أو الاجتماعي، ستظل تلقي بظلالها على إسرائيل لسنوات مقبلة. وحتى مع انتهاء العمليات العسكرية، فإن الاقتصاد سيحتاج إلى سنوات من التعافي، مما يجعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي في المستقبل القريب.
المصدر: وكالات