في خطوة قد تُعيد تشكيل وجه الدبلوماسية الأميركية على الساحة الدولية، كشفت وثيقة مسربة عن خطة لخفض موازنة وزارة الخارجية الأميركية بنحو 48% في العام المالي 2026، لتصل إلى 28.4 مليار دولار فقط، مقارنة بـ2025. ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، فإن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة تقشف واسعة تقودها إدارة ترامب، بإشراف الملياردير إيلون ماسك، وتهدف لتقليص دور الحكومة الفدرالية على أكثر من صعيد.
أخطر ما في هذه الخطة أنها تشمل تقليصاً جزئياً أو كاملاً لتمويل منظمات دولية كالأمم المتحدة وحلف الناتو، مما قد يُضعف قدرة واشنطن على التأثير في القرارات الدولية. ووفقاً لموقع بانتشباول نيوز، تتضمن الخطة أيضاً إغلاق نحو 10 سفارات و17 قنصلية، لا سيما في دول مثل جنوب السودان ومالطا وإريتريا، مع تقليص حجم التمثيل في دول كفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
كما تقترح الوثيقة دمج بعثات الولايات المتحدة لدى منظمات دولية، كاليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ضمن السفارات القائمة. حتى السفارة الأميركية في مقديشو، رغم تقييمها العالي من قبل الوكالات الأمنية، مرشحة للإغلاق بسبب ما وصف بـ”البيئة غير المتساهلة”.
والمثير أن الخطة تشمل إغلاق مركز الدعم الدبلوماسي في بغداد، المصنّف كأغلى بعثة أميركية في العالم. كل هذه الإجراءات قوبلت بتحذيرات شديدة من رابطة السلك الدبلوماسي الأميركي التي وصفتها بـ”المتهورة والخطيرة”.
وفي ظل هذه التحولات، تُطرح أسئلة جوهرية: هل نحن أمام انسحاب مدروس من المسرح الدولي، أم تخلٍ عن دور تاريخي لطالما لعبته واشنطن في صياغة النظام العالمي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
هذا التقليص الواسع يعكس توجهاً غير مسبوق نحو الانكفاء الداخلي، ويطرح تحديات خطيرة على صعيد العلاقات الدولية، حيث قد تجد الولايات المتحدة نفسها أقل قدرة على بناء التحالفات أو التأثير في القضايا العالمية، خاصة في ظل التنامي المتسارع لنفوذ قوى منافسة مثل الصين وروسيا، ما قد يفتح المجال أمام فراغ دبلوماسي يصعب ملؤه لاحقاً.
المصدر: وكالات