تتسع يوماً بعد يوم رقعة الاحتجاجات داخل إسرائيل ضد استمرار الحرب على غزة، لتكشف عن انقسام داخلي غير مسبوق، لم يعد يقتصر على الشارع بل امتد إلى عمق المؤسسة العسكرية والأمنية، بل وحتى إلى صفوف النخب الأكاديمية والطبية والثقافية. ما يجري ليس مجرد تململ بل تمرّد صامت، يكشف هشاشة الجبهة الداخلية في لحظة مفصلية من تاريخ الصراع.
بداية الانفجار جاءت في 9 أبريل، عندما وقّع أكثر من 1020 طياراً – من ضمنهم رئيس الأركان الأسبق دان حلوتس – على عريضة رفض الخدمة العسكرية، بدعوة من ضباط بارزين. تبعتهم في 11 أبريل نخب أكاديمية ضمت أكثر من 1800 شخصية من جامعات مرموقة كتل أبيب وبن غوريون، جميعهم يطالبون بوقف الحرب وإعادة الأسرى فوراً.
الاحتجاج لم يتوقف عند حدود الأكاديميين والطيارين؛ فالأطباء، جنود الاحتياط، ضباط البحرية، وأفراد من وحدات نخبة مثل “شالداغ” و”شييطت 13″، أعلنوا رفضهم استمرار الحرب. أما الزلزال الحقيقي فجاء من داخل جهاز الموساد نفسه، حيث خرج 250 عنصراً سابقاً – بينهم ثلاثة رؤساء سابقين – بموقف صريح يناهض العمليات العسكرية.
المشهد بات أكثر تعقيداً مع انضمام مفوضين سابقين للشرطة وقادة من المؤسسة الأمنية إلى صفوف المحتجين. لم تعد التوقيعات بيانات رمزية، بل باتت دليلاً صارخاً على تآكل الإجماع الوطني، في وقت تشهد فيه مفاوضات الأسرى جموداً وضغوطاً شعبية متصاعدة.
يؤكد المحتجون – رغم تباين خلفياتهم – على مطلبين لا خلاف عليهما: وقف فوري للحرب، وإعادة الأسرى. لكن الرسالة الأعمق في هذه الانتفاضة النخبوية هي أن إسرائيل تشهد اليوم تصدّعاً داخلياً يهدد تماسكها السياسي والأمني، وربما يفتح الباب لتحولات جذرية في ميزان القرار الاستراتيجي خلال المرحلة المقبلة.
المصدر: وكالات