في مشهد يعكس تحولًا جذريًا في التعامل الدولي مع الملف السوري، بدأت أصوات في المؤسسات المالية العالمية تتعالى لإعادة دعم سوريا بعد سنوات من العزلة والعقوبات. فخلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، جرى نقاش لافت حول إمكانية فتح قنوات الدعم مجددًا لسوريا، رغم استمرار العقوبات التي لا تزال تعرقل جهود إعادة الإعمار.
عبد الله الدردري، المسؤول الأممي البارز، كشف عن اجتماع مرتقب بشأن سوريا بين البنك الدولي والحكومة السعودية، يُعقد على هامش هذه الاجتماعات. وبحسبه، فإن هذا اللقاء يبعث رسالة للعالم مفادها أن سوريا ليست منسية، وأن المؤسسات المالية الكبرى باتت مستعدة لدعمها مجددًا.
المفارقة أن السعودية، وفقًا لتقارير “رويترز”، قامت بسداد نحو 15 مليون دولار من ديون سوريا المتأخرة للبنك الدولي، ما يمهد الطريق للحصول على منح إنمائية عبر المؤسسة الدولية للتنمية، ويضع دمشق مجددًا على طاولة التمويل الدولي.
وما يضفي على المشهد مزيدًا من الأهمية هو الإعلان عن مشاركة وفد سوري رفيع، يضم وزيري المالية والخارجية وحاكم المصرف المركزي، في اجتماعات واشنطن—وهي أول مشاركة بهذا المستوى منذ نحو عقدين، والأولى منذ الإطاحة ببشار الأسد أواخر 2024.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، يبقى التحدي الأكبر هو العقوبات الأميركية الصارمة التي لا تزال مفروضة على سوريا. فالإعفاء المؤقت الذي منحته واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي لم يحدث الأثر المرجو، ولا تزال الولايات المتحدة تضع شروطًا معقدة لتخفيف العقوبات، في وقت لم تفتح فيه قنوات تواصل فعّالة مع السلطات السورية الجديدة.
وبين طموحات دمشق وإجراءات واشنطن، تبرز حقيقة واضحة: إعادة إعمار سوريا لا يمكن أن تنطلق حقًا دون إعادة اندماجها في النظام المالي العالمي، وهو ما بدأت ملامحه تتشكل الآن، ولو بحذر.
المصدر: وكالات