تصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بشكل لافت، ما أدى إلى ارتفاع خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي وكشف عن عمق المأزق الذي يعيشه قادة تل أبيب. وبينما تتسع رقعة المواجهات من بيت حانون إلى رفح، تواصل المقاومة تنفيذ كمائن دقيقة وعمليات قنص أوقعت خسائر فادحة، مما عمق الفشل الاستراتيجي الإسرائيلي.
الخبير العسكري إلياس حنا يرى أن المقاومة أدخلت نمطًا عملياتيًا جديدًا غير من ديناميكية المعركة، مؤكداً أن النجاحات الإسرائيلية الظاهرة لا تخفي عجزًا عن تحقيق انتصار استراتيجي. ويشير إلى أن الاحتلال، رغم توغله في مناطق كانت فارغة، وصل إلى حالة جمود استغلتها المقاومة لشن هجمات مضادة مؤلمة.
من جهته، يوضح المحلل وسام عفيفة أن كتائب القسام كانت تتحين الفرصة لضرب الاحتلال بعد أن دخل في حالة من الروتين العسكري. وعندما أتيحت الفرصة، بادرت المقاومة بشن عمليات نوعية أربكت القيادة الإسرائيلية وأججت الخلافات داخل “الكابينت” حول سؤال المرحلة القادمة: “ماذا بعد؟”.
الارتباك داخل إسرائيل ازداد مع ارتفاع الخسائر البشرية وظهور تصدعات حادة بين الجيش والقيادات السياسية. وكشف الخبير مهند مصطفى عن حالة صدمة لدى رئيس الأركان إيال زامير، الذي اصطدم بحقائق ميدانية صعبة: احتجاجات داخلية، فاعلية المقاومة، وعزوف نسبة كبيرة من جنود الاحتياط عن القتال.
وسط هذه الأزمات، تتصاعد الضغوط الشعبية، خاصة من عائلات الأسرى، مما يفرض على نتنياهو وحكومته خيارات شائكة. وبين تيار يدعو إلى حسم سريع وآخر يسعى لاستدامة الحرب، تبدو إسرائيل أقرب إلى البحث عن مخرج دبلوماسي، مدعوم بحراك دولي مكثف، لتفادي الغرق أكثر في مستنقع غزة.
في هذا المشهد المعقد، تبدو المقاومة الفلسطينية مصممة على استنزاف قدرات الاحتلال وإبقاء المبادرة بيدها، بينما يجد قادة إسرائيل أنفسهم محاصرين بين ضغط الجبهة الداخلية وفشل الخيارات العسكرية، وسط تراجع قدرة الجيش على فرض وقائع جديدة ميدانيًا. وبينما تتسارع خطوات الأطراف الإقليمية والدولية نحو تسوية سياسية، تتزايد المخاوف الإسرائيلية من فقدان زمام المبادرة بشكل كامل، مما يجعل المرحلة المقبلة رهينة لتوازنات دقيقة بين تصعيد محسوب أو انخراط مضطر في مسار تفاوضي مرير.
المصدر: الجزيرة نت